لا يوجد رياضة أفضل من أخرى بل مدرب أفضل من مدرب
أجرى الحوار: أنطون ميلاد
الحوار معه ممتع، نظرًا لكونه موسوعة في الفنون النزالية ولكونه أحد أقطاب الفنون القتالية والطب الرياضي في المنطقة العربية والعالم ، أنه بروفيسور وليد قصاص. وعند زيارته الأخيرة لمصر، التقينا به لمحاورته. وبطبيعة الحال، فقد فرض كوفيد-19 نفسه على الحوار كما فرض نفسه على كل أمور حياتنا فسألناه حول وضع فعاليات قوة الرمي خلال الجائحة.
في مارس 2019 أقيمت بطولة العالم في قوة الرمي في جزيرة بتايا بتايلاند ثم بطولة أخرى في إيطاليا. وبعد ذلك لم نستطع إقامة أي نشاط محلي أو عربي أو دولي وتم تأجيل أغلب البطولات العالمية إلى 2022.
- ماذا عن مقاومة كوفيد-19؟ هل يمكن اللجوء للرياضة والفنون القتالية لتعزيز مقاومة الجسم ضده؟
الرياضة بشكل عام تفيد الجسم في عدة أمور منه تعزيز المناعة، والفنون القتالية بشكل أخص، وذلك لأن الفنون القتالية تحتوي على نظام كارديو قاسي وأساليب مختلفة للتنفس وتمارين لزيادة تحمل اللاعب حتى يتحمل عدة جولات في المنافسات. وبذلك هي الأفضل من حيث تقوية المناعة. ولهذا عند وجود فرصة مناسبة وصحية لممارسة الرياضة أنصح الجميع بالانخراط بها لانها ستكون مكافحة بشكل غير مباشر لتلك الجائحة.
ما رأيك في وضع الفنون القتالية في الشرق الأوسط اليوم خاصة ونحن نرى تميزًا لممارسيها في الألعاب الأولمبية في دورتها الحالية؟
الألعاب الفردية والقتالية اليوم بشكل عام مهمة جدًا للبلدان وخاصة البلدان العربية لتحقيق الانجازات والميداليات. وللأسف فإن ليس كل الألعاب القتالية معتمدة في الأولمبياد. وإنما هناك فنون قتالية مثل قوة الرمي يقام لها بطولات أقوى من الأولمبياد من حيث عدد الدول المشاركة. ولدينا سنويا بطولة عالم وكأس عالم بالإضافة إلى بطولات عالمية وقارية أخرى. وأنا عضو full member في IMGC) ) National Martial Arts Games Confederation وهو الاتحاد المختص بالألعاب القتالية في العالم. وعملنا دورة للألعاب القتالية في بيلاروسيا، وان شاء العام القادم ستكون في روسيا.
أما في الأولمبياد فهم يعتمدوا ألعاب نزالية قليلة مثل الجودو، والتايكوندو دخلت حديثًا والكاراتيه دخلوا حديثًا. لأنهم -مع الأسف الشديد- عندهم مفاهيم خاطئة أن فنون قتال هي مجرد “ضرب” بالرغم من أنها ألعاب ثقافية إنسانية. بل أن المتباري بهذه اللعبات يرسم الحركة باليد مثلما الرسام يرسمها بالريشة. والفنون القتالية بين سائر الفنون هي ألعاب ممارسها أقل عرضة للإصابات، فمثلا الإصابات في كرة القدم أكبر من نظيرتها في أي فن قتالي وذلك لأن في حماية في اللاعب، وفي تشدد في القوانين، والحركات الخطرة محذوفة من المنافسات. فنأمل أنه في المستقبل أن تتغير نظرتهم لتلك اللعبات وحينها الشرق الأوسط سيكون لهم حصة الأسد لأن الفنون القتالية محبوبة أوطاننا.
إذا كنت شخصًا لا يعلم أي شيء عن الفنون القتالية ويود ممارسة أي فن منهم، بما تنصحه كي يختار فنه القتالي؟
أولا الفن قتالي، قبل كل شيء، هواية وذوق، فهناك من تميل نفسه إلى الالتحام اخلفيف، فيذهب إلى الرياضات التي يعتمد نظامها على البوينت سيستم، وهناك من يرغب في الالتحام العنيف فيذهب إلى رياضات الفل كونتاكت. وذلك لأن الأساس واحد في كل الفنون القتالية. يمكن أن نقول أن هناك اختلافات بسيطة، مثل أن الألعاب اليابانية يعتمد اللكم فيها على الخروج من عند الصدر، وفي الكيك بوكس والملاكمة اللكمة تخرج من عند الوجه. لكن أيضًا نرى أن الركلات تقريبًا واحدة في كل الرياضات النزالية.
لكن الاختلافات الكبيرة في القوانين التحكيمية لكل رياضة أو لكل أسلوب، فهناك رياضات تعتمد على القوة الزائدة وهناك رياضات تعتمد على مجرد اللمس. ولا أقول أن هناك لعبة أفضل من لعبة لكن هناك مدرب أفضل من مدرب.
كيف اختار المدرب؟
يجب أن يكون المدرب يعتني بالنواحي الأخلاقية، لأنه إذا لم يكن هناك توجهات اخلاقية أو فكرية توجه اللاعب ممكن أن يؤذي نفسه ويؤذي الآخر. لهذا نحن في تدريباتنا نوجه اللاعب أن يتمتع بالروح الرياضية وأخلاق وضبط النفس.
ما هو الشكل المثالي للمدرب؟
قبل كل شيء هناك مناهج تدريبية موحدة، ويختلف كل مدرب في إبداعه في تطوير نفسه. ووجودي هنا في مصر بناءً على دعوة من بعض مدربين كانوا قد شاركوا في دورات عديدة نظمتها من قبل. وهو دليل على وعيهم بأهمية تحديث المعلومات لتطوير الذات.
وإلى جانب ذلك، هناك مدربين جدد نقوم بتوجيههم نحو هذا المنهاج التدريبي، وندفعهم للتطوير. فلابد من هذه النشاطات والسمينارات، لأننها، من خلالها، نسعى لتطوير مدربينا. ولهذا أنا آتي لمصر على فترات متقاربة بهدف عقد مثل هذه الفعاليات.
أما المدرب المتقوقع على نفسه، والذي لا يقوم بتطوير قدراته، فلن يتقدم أبدًا وبالتالي لن يستطيع مجاراة المدربين الآخرين.
وكلما طوّر المدرب من نفسه انعكس ذلك على متدربيه.
إذن يمكننا أن نلخّص ذلك في أن المدرب يجب أن يكون متطور وخلوق، وماذا عن الثقافة؟ هل الثقافة ضرورية للمدرب؟
لا أقول أن يكون فيلسوفًا بل من المهم أن يكون مثقف رياضيًا. ويجب أن يكون على وعي كامل بالحركة التي يقوم بتدريبها فسيولوجيا وتقنيًا.
في أيامنا هذه يخرج كثيرون قائلين لقد اخترعنا فنًا قتاليًا، فكيف ترى ذلك؟
في السابق لم يكن أي من المدرب يستطيع أن يقول انه اخترع فن قتالي، نحن كنا السباقين في إطلاق رياضة عربية تم تسجيلها في قائمة الرياضات التراثية في اليونسكو. وهي أول رياضة تمثل العرب ضمن الرياضات التقليدية. وعندما أُطلقت اللعبة وبدأت في النجاح، بدأ البعض في “التجرؤ” في أن يدعوا اختراع لعبة قتالية. ولكن أغلبيتهم محصورون الأندية التي يقومون بالتدريب فيها فقط وفي بعض الصور الموجودة على الانترنت وليس لهم وجود حقيقي على الأرض.
كشخص مبتدئ كيف استطيع أن أقيم شخصًا يقول لي أنه اخترع فنًا قتاليًا؟
-عند سماعك عن رياضة جديدة لابد من السؤال أين هي نشاطاتها؟ وأي هي بطولاتها وفعالياتها؟ وموجودة في كم دولة؟
إذا نظرنا إلى قوة الرمي سنجد أكثر من 40 بطولة عالمية وعربية وقارية تم تنظيمها عبر دول العالم، من الولايات المتحدة حتى الصين. وبفترة قياسية انتشرنا عبر العالم، فتم تأسيس الاتحاد الدولي في 2007 والاتحاد العربي في 2009. ومنذ التأسيس في الثمانينات وحتى الآن قطعنا شوط كبير حتى صرنا بالقارات الخمس، وأصبحت رياضتنا على خريطة الألعاب العالمية.
هناك ألعاب تم تأسيسها قبل قوة الرمي بخمس سنوات لم تصل إلى ما وصلنا إليه، سواء في عدد الدول المشاركة، أو عدد الفعاليات. وكل ذلك بمجهود فردي.
وفي كل فعالية جديدة هناك دول تراقب ما نقوم به وتتواصل معنا. وكل دولة تتواصل معنا ندرس ملفها ونسعى لمساعدتها في تشكيل اللجان والاتحادات في دولهم. وعادة ما نقوم بتأسيس لجنة داخل اتحاد مقام بالفعل ثم تنفصل تلك اللجنة لاحقًا مشكّلة اتحاد جديد لقوة الرمي. وبهذه المناسبة، أزف خبرًا، أن قريبًا سيكون هناك اتحاد مصري لقوة الرمي.
بدأت تدريب الكاراتيه منذ السبعينات، كيف ترى الكاراتيه الآن؟
أنت تعلم أن أساس الفنون القتالية هو الكاراتيه وكل الرياضات النزالية انبثقت منه. وهذه الرياضات في تطور دائم، فنرى الجودو، على سبيل المثال، كان جزء من الكاراتيه سابقًا. والآن نحن نرى أن هناك من لايزال يمارس الشوتوكان كاراتيه والجودو معًا. وذلك لأن ذلك التطور يخلق أشكال ورياضات حديثة أقوى وأجمل.